الخبر بكل أبعاده

BREAKING NEWS

الصحفي “جابر سيدي” يكتب : إعلام الصحراء ليس تابعاً.. بل شريك في الدفاع عن الأرض والقضية !

0

هلا نيوز – جابر سيدي

من المفارقات العجيبة في المشهد الإعلامي والسياسي المغربي، أن يُناقش ملف الصحراء ـ وهو ملف وطني بدرجة أولى ـ دون إشراك حقيقي لأبناء الصحراء، خصوصًا الإعلاميين والصحفيين الذين يعيشون تفاصيله يوميًا، ويحملون من الوعي والخبرة ما يجعلهم مؤهلين لأن يكونوا في صلب النقاش لا على هامشه.

في كل ندوة وطنية أو لقاءات إعلامية أو مناظرة دبلوماسية تُخصص لهذا الملف، نادراً ما نسمع صوت إعلامي من العيون أو السمارة أو بوجدور أو الداخلة، وكأننا أمام قضية تُدار “من الفوق”، بمنطق مركزي لا يعترف بقدرة أبناء المنطقة على التعبير عن قضيتهم والدفاع عنها بلسانهم وهويتهم وواقعهم.

إن هذا التغييب لا يمكن اختزاله في مجرد سوء تدبير أو صدفة عرضية، بل يعكس توجهًا مقلقًا في إنتاج خطاب رسمي حول ملف الصحراء، خطاب يُراد له أن يكون موحدًا ومؤطرًا من المركز، دون فسح المجال للاجتهادات الإعلامية المحلية، التي يمكن أن تضيف للملف بعدًا إنسانيًا واجتماعيًا وثقافيًا أكثر تأثيرًا وواقعية.

والأدهى من ذلك أن البعض داخل المؤسسات يصر على حصر ملف الصحراء في الدوائر المغلقة، وكأن الصحراويين لا يُوثق في وعيهم، أو لا يُؤتمنون على روايتهم. وهذا، في جوهره، موقف سياسي مقلق، يُكرّس منطق “المركز يقرر، والهامش يتبع”، وهو ما يتناقض مع كل الخطابات التي تتغنى بالمقاربة التشاركية والجهوية الموسعة.

اليوم، الصحفيون في الصحراء ليسوا فقط شهودًا على تحولات المنطقة، بل هم فاعلون قادرون على نقل نبض الشارع المحلي، وفهم تعقيدات المجتمع الصحراوي، والحديث إلى العالم بلغة قريبة من الناس، لا بلغة الخشب أو البلاغة السياسية الجافة. تغييبهم هو إضعاف للواجهة الإعلامية الوطنية، وفرصة تُمنح بالمجان لخصوم الوحدة الترابية، الذين يُحسنون استغلال هذا الغياب لترويج سردياتهم المعادية.

ومن غير المقبول أن يستمر التعامل مع الإعلاميين الصحراويين كمجرد أدوات للتغطية المحلية، أو كأصوات تُستدعى فقط حين يتعلق الأمر بتمرير رسائل جاهزة، الصحفيون في الصحراء ليسوا أقل كفاءة أو وعياً أو مهنية من نظرائهم في الرباط والدار البيضاء وطنجة.

بل إنهم يحملون من العمق الميداني، والخبرة المجتمعية، والبُعد الإنساني، ما يؤهلهم لأن يكونوا في طليعة النقاش الوطني حول هذا الملف الحساس.

المطلوب اليوم، ليس فقط الاعتراف بحق هؤلاء الصحفيين والإعلاميين في الحضور، بل تمكينهم فعليًا من أدوات التأثير، سواء عبر إدماجهم في المنصات الوطنية الكبرى، أو دعم مبادراتهم الإعلامية الجادة محليًا.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.