هلا نيوز – زكرياء العارفي
في الوقت الذي يعيش فيه المغرب موجة جديدة من الوعي السياسي والاجتماعي تقودها فئة جيل Z، يبدو أن الإعلام الرسمي اختار أن يقف على الضفة الأخرى، ضفة التحكم في الرواية وتوجيه الرأي العام نحو مسار محدد سلفًا.
فمن خلال المتابعة الدقيقة للتغطيات التلفزية والبرامج الحوارية الأخيرة، يتضح أن البوصلة الإعلامية انحرفت بهدوء نحو دعم حزب الأصالة والمعاصرة، عبر الترويج غير المباشر لخطابه، وتبرير مواقفه داخل الحكومة، بل وحتى تجميل صورته على حساب شركائه السياسيين.
ما يثير الانتباه أكثر هو أن هذا التوجه الإعلامي يتنصل في الوقت نفسه من الإخفاقات الحكومية، عبر تحميل المسؤولية للظروف الدولية أو للقطاعات التقنية، في محاولة لتجنيب مكونات بعينها النقد الشعبي المتزايد.
لكن هذا التلميع الإعلامي لم يعد يمرّ مرور الكرام، خصوصًا لدى جيلٍ رقميٍّ شجاع، جيل Z، الذي كسر احتكار المعلومة وبدأ في مساءلة المؤسسات بلغة جديدة، مباشرة، ومبنية على التجربة اليومية وليس على الخطاب الرسمي.
إن استمرار هذا الانحياز الخفي لا يضر فقط بصورة الإعلام العمومي، بل يضرب في الصميم مصداقية التواصل المؤسساتي ويعمّق الفجوة بين الجيل الجديد والدولة. فجيل اليوم لا ينتظر من التلفزيون من يفسر له الواقع، بل من يعترف به ويخاطبه بصدق.
فالإعلام الرسمي اليوم، أمام منعطف حاسم إما أن يختار الشفافية والجرأة في نقل الحقيقة كما هي، أو أن يستمر في لعب دور “الناطق باسم السلطة”، فيخسر آخر ما تبقى من الثقة.