ما حدث في قضية الديبلومات المزورة هو نتيجة حتمية للسياسات الترقيعية التي شوهت على امتداد عقود الجامعةالمغربية وجعلتها بقرة حلوب للبعض، وفرصة لاستنزاف المال العام بدراسات وبرامج تكلف الملايير دون وجوداستراتيجية واضحة المعالم لأي جامعة نريد.
لطالما تفاجأت كيف لا يدق ناقوس الخطر وتستنفر كل مؤسسات الدولة حين يتم الإعلان نهاية كل سنة عن خبرتذيل المغرب لترتيب الجامعات الإفريقية والعربية دون دخول التصنيف العالمي حتى.
كيف تمر هذه الكوارث التصنيفية التي تعتمد معايير بنية البحث العلمي من حيث الجودة، برامج التكوين المعتمدة،التكوينات العلمية المتاحة، الإنتاجات العلمية من حيث الكم والتأثير العلمي … دون أن نقف عندها ونستوعب أينالخلل ..
ولطالما صدمت حينما كنت طالبا من المشاهد المتكررة خلال فترات الامتحانات الجامعية لعشرات الطلبة والدخلاءيصطفون في جنبات وأمام أبواب الجامعات بأكادير ومراكش ليساعدوا أصدقاءهم الذين يجتازون الامتحانات علىالغش وتمرير الأجوبة، يتجاوزهم الأساتذة والعميد ذهابا وإيابا، بجانبهم سيارات الشرطة والتدخل السريع على مدارالساعة وطيلة فترة الامتحانات، دون أن يحرك أحدهم ساكنا.
يجب أن نفهم الان أن الاشكال الحقيقي يتجاوز بمراحل كثيرة أستاذ يتاجر بالشواهد، أو موظفون سامون ومنتخبونيتفاخرون بشواهد يجهلون حتى موضوع رسائل بحوثها.
الاشكال الحقيقي في منظومة كاملة أعلنت منذ سنوات عن فشلها، ولا زالت تصارع الموت ببرامج وقرارات انفراديةومزاجية لمن يدبرون القطاع في كل مرة دون نتيجة.
منظومة يتناوب عليها الوزراء تلو الاخر، كل همهم كيف يزرع كل وزير أصدقاءه ومعارفه والمقربين منه في مراكزالقرارا بالجامعات والكليات دون معايير الكفاءة، كيف يستفيد هو وحاشيته من كعكة الجامعة.
لذلك فالأزمة مستمرة حتى بعد دخول قيلش وعصابته السجن، لأننا لا نملك للان الجرأة لنستأصل هذا الورم منجدوره، ستظل الأزمة ما دمنا نعتبر أن الشهادة أهم من الكفاءة، ما دمنا نناقش قضايانا المصيرية بشكل مناسباتيوبلغة البهرجة والفلكور الاستعراضي فقط لإثارة انتباه الرأي العام.
ستظل الأزمة ما دمنا لا نملك الجرأة والإرادة السياسية الحقيقية لنقف على مكامن الخلل الحقيقي لمنظومةتعليمية نكل بها أيما تنكيل، لاستغلال الإرادة الشعبية والنقاش العمومي المفتوح حول قضية قيلش لنفض الغبار عنمئات إن لم نقل الاف الشكايات بالفساد في الجامعات المغربية تم حفظها دون سبب.
ستظل أزمة الجامعة والتعليم بشكل عام في المغرب ما دمنا لا نستغل هذه اللحظات التاريخية للإجماع الوطني كيتقوم المؤسسات الوصية بأدوارها وتخرج من مقبرة الأرشيف ملفات الفساد التي طالها النسيان حتى تم التطبيعمعها وأضحت جزءا من المنظومة.
دون إرادة سياسية حقيقية ورغبة في إعادة الهيبة للجامعة، وجعل الكفاءة هي عيار تحمل المسؤولية وفتح نقاشعلمي يشارك فيه مثقفو الوطن فالأزمة ستظل قائمة، سيدخل قيلش السجن ويخرج لنا قيلشات اخرين ما دام الفكرالقيلشي تتمدد حيث تجد مستنقعا متسخا يساعدها على النمو والتكاثر فيه .