هلا نيوز – جابر سيدي
في خطوة سياسية غير مسبوقة، كسر الفاعل السياسي البارز، والتجمعي عضو جماعة السمارة، سيدي محمد الجماني، جدار الصمت حول ما اعتبره “تدخلًا غير مشروع للسلطة المحلية” في مسار انتخابات 2021 بمدينة السمارة. تصريحاته، التي جاءت في سياق سياسي بالغ الحساسية، أعادت إلى الواجهة أسئلة ظلت حبيسة الكواليس منذ انتهاء الاستحقاق الانتخابي قبل أربع سنوات.
إن حديث الجماني في تصريح صحفي لـ”بنتي تريس” عن “الانحراف الخطير لمبدأ الحياد الواجب للسلطة” لا يمكن أن يُقرأ بمعزل عن السياق العام الذي طبع العملية الانتخابية في الأقاليم الجنوبية، حيث طالما كانت مسألة التوازن بين النفوذ السياسي والإداري محل نقاش محتدم. لكن هذه المرة، فإن الاتهام صادر عن فاعل مركزي، كان في قلب المعركة الانتخابية، وله باع طويل في العمل السياسي محليًا ووطنياً.
هل نحن أمام بداية تصفية حسابات مؤجلة؟ أم أن ما كشف عنه الجماني هو مجرد قمة جبل الجليد لما شهدته العملية الانتخابية من تجاوزات؟ الأكيد أن هذه التصريحات تُحتم على الجهات الوصية، وعلى رأسها وزارة الداخلية، تقديم توضيحات تقطع مع الشكوك، وتعيد الاعتبار لنزاهة المسار الديمقراطي، خاصة في مناطق ذات خصوصية سياسية واجتماعية كالصحراء.
اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى جرأة في النقد، وجرأة أكبر في الإصلاح. فلا ديمقراطية حقيقية بدون ثقة المواطن، ولا انتخابات نزيهة في ظل شبهة التوجيه والوصاية.
تصريح الجماني ليس مجرد زوبعة إعلامية؛ بل جرس إنذار يُفترض أن يُدق في كل مكاتب القرار، حتى لا نُعيد إنتاج نفس السيناريوهات التي تفرغ الانتخابات من مضمونها الديمقراطي.
إن حياد السلطة ليس ترفًا سياسيًا، بل شرطٌ أساسي لضمان ثقة المواطن في الديمقراطية. وإذا ما صدقت رواية الجماني، فإننا أمام خلل خطير يضرب في عمق المصداقية الديمقراطية، ويعيد طرح سؤال قديم: من يحكم اللعبة الانتخابية؟ المواطن أم الإدارة؟
تصريح الجماني، سواء اتفقت معه أو اختلفت، أعاد النقاش حول مصداقية المسلسل الديمقراطي في الصحراء. وإذا كانت الدولة جادة في طي صفحة الماضي، فعليها أن تبدأ من هنا: من السمارة، ومن هذا الصوت الذي قرر أن يتكلم بكل جرأة.