أحمد متراق – كاتب رأي
لا شك أن الزيارة التي سيقوم بها رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي للمغرب ولمدينة العيون بالتحديد توصف بالتاريخيةلعدة أسباب:
فإلى جانب أنها الأولى من نوعها لرئيس مؤسسة تشريعية أوروبية عموما وفرنسية بالخصوص للصحراء بعد قرارالاعتراف الفرنسي بمغربيتها, تأتي هذه الزيارة كتأكيد من فرنسا –بما تحظى به من مكانة سياسية كعضو دائم بالأممالمتحدة وخامس قوة اقتصادية عالمية ترتبط بشركاء ومناطق نفوذ واسعة بالقارة الإفريقية وخارجها– على عزمهاالمضي قدما في تفعيل وأجرأة قرارها القاضي بدعم السيادة المغربية على كامل ترابه الوطني بما فيها الصحراءالمغربية على أرض الواقع.
السبب الثاني يستمد من القيمة السياسية والاعتبارية لمؤسسة مجلس الشيوخ في هرم السلطة الفرنسي باعتبارهمؤسسة تشريعية تضم في تركيبتها ممثلي المجالس المنتخبة جهويا ومحليا وهو ما يجعله المؤسسة المعنية بشكلمباشر بالاتفاقيات والشراكات التي من الممكن أن تجمع المقاطعات الفرنسية بنظيرتها من الصحراء المغربية منجهة، ومن أخرى فالمجلس وبالإضافة للدور الرقابي الذي يمارسه على أعمال الحكومة, والتشريعي من خلالالمبادرة بمشاريع قوانين أو المصادقة عليها.
فإن له اختصاص حصري مهم في التعيين بمناصب حساسة في الدولة كقضاة المحكمة الدستورية بما لهذا الجهازالقضائي من قيمة ومهام في الفصل في النزاعات الدستورية، كما أن رئيس مجلس الشيوخ وحسب الدستور الفرنسيهو من يتولى بصفة مؤقتة رئاسة الجمهورية في حالة وفاة أو استقالة أو إقالة الرئيس من مهامه.
كل هذه الأسباب والدلالات السياسية تجسد الوزن السياسي والتاريخي لضيف المغرب والصحراء الكبير، خاصة أنهوجد في استقباله رئيس مجلس المستشارين المغربي السيد “محمد ولد الرشيد” أحد السياسيين الفاعلينبالصحراء المغربية.
كما ستكون الزيارة فرصة للقاء منتخبون صحراويين يمثلون الساكنة الحقيقية للمنطقة، يدافعون عن سيادةالمغرب، يجسدون الرؤية الملكية السامية ويحظون بثقة جلالته التي عبر عنها غير ما مرة من خلال خطبه السامية،ونجحوا بامتياز في تنزيل كل البرامج والأوراش التنموية الكبرى التي حولت الصحراء إلى قطب اقتصادي واعد في ظلالنهضة التنموية التي عرفتها الأقاليم الجنوبية خلال العقد الأخير.
هي إذن رسائل سياسية إيجابية من الطرفين تجسد من الجانب المغربي ثقة الدولة ومؤسساتها في النخب السياسيةبالصحراء واستعدادها التام لتنزيل ورش الحكم الذاتي بما يتطلبه هذا الورش الكبير من كفاءات سياسية وتدبيريةوطنية ومؤهلات اقتصادية وبنية تحتية جيدة، ومن الجانب الفرنسي رسالة دعم ومساندة فرنسية قوية من أعلىالسلط بالبلاد كحليف استراتيجي للمغرب جاهز للاستثمار والتعاون والانفتاح على الصحراء المغربية باعتبارها جزءالا يتجزأ من المغرب.